blogit.fr: Blog multimédia 100% facile et gratuit

sekrinya

Blog multimédia 100% facile et gratuit

 

BLOGIT

POUR NE DIRE QUE CE QUI EST IMPOSSIBLE DE REDIRE AVANT QU ' IL SOIT TROP TARD

Blog dans la catégorie :
Littérature

 

Statistiques

 




Signaler un contenu illicite

 

sekrinya

أبي زوجت&# 1607; و أنا

قصة قصيرة

أبي زوجته و أنا


تمتد خيوط الفجر المتباعدة , نابعة من مدى أفق كليح بلون التراب , تنسج بساطَ ضوءٍ باهتٍ فوق وجه دربنا المتعب الجنبات ,
يطلُّ يوم آخر , فلا نعدُّه إلاّ فضلاً من الله ,
أما العبد فلا فضل له , يحسن لعبة التستر على تشفِّيه بما نحن فيه من ضيق العيش وسوء الحال ,
نسميه أيضا العبد مثقوب" الودنين " , لأنه كان من أولياء نعمة الصفوة في سوق النخاسة ,
رغم عملية التجميل , ظلت أذنه اليمنى محتفظة بعلامة العبيد , بالإجماع , نحن رعية لا تنتج غير النفايات السامة ,
تتحدث التقارير عن إتقاننا لعبة التناسل في مختبرات البطالة المقنعة , نملأ البطون بما تيسر لإقامة الأوَد ,
ثم نعمد للتفريغ خلسة من عيون العسس في الليل ,
كم تفضحنا هذه الأكياس البلاستيكية السوداء , حين تمزقها قطط وكلاب هاربة من أحياء الناس الكبار ,
تتلقف أيدي عمال النظافة من القطاع الخاص مخلفاتِهم , قبل أن يرتد إلى الخدم طرفهم في وضح النهار ,
صارتْ تألف ساعة تسلل النسوة في جنح الظلام ,
يُـرْكِـنَّ الزبل في زاوية ضيقة,
يأتون أفواجا يسبقهم مواء التعرف على رائحة بقايا السردين ,
أما الكلاب فلا تَسمعُ لها نُباحَ تَشَمُّمِ عَظْمٍ أوْ شَحْمٍ ,
يعبثون بأظافرهم في أكياس نتِنَة ,
وجه الحي لوحة فلكلورية بألوان قشور الخضر الموسمية .
كَمْ ظلَّ أبي يُنكِر عليَّ الشَّكْوَى من شماتة زوجته به ,
حين يسألها عن تأخرها , كلما نزلت مثل باقي النساء لرمي الكيس اليومي ,
تحرك كتفيها منسحبة إلى الفراش , تلتقي نظراتنا , أسبقه إلى التظاهر بالانشغال عن حركتها ,
يعرف شباب الحي أن عيونها خضراء ,
ويعرف أبي أنها مهيأة للزيغ مع أقرب عابر سبيل ,
بيني وبين نفسي ,
كنت أجد لها ألف عذر للبحث عن أنوثتها الطافحة , فعلاً , كانت جميلة حتى في هزئها مني بنظراتها الجارحة ,
لا شك أنه في سره لا يتوقف عن لعن خالتي " الضاوية ",
أوهَمَتْهُ باستمرار رجولته في سن الخامسة والستين , فقبل الزواج على أمي ولم يمرَّ على وفاتها سوى عام أو أقله ,
أحسَنَ عملاً باشتراط دخولها البيتَ ساكتةً من غير " هيللة ",
في الحي لا يشار إليها إلا بِ " مْرَاتْ الشيباني " ,
لم يكن يتقزز من الوصف في الظاهر ,
هل كان يشعر بحقيقة عجزه عن مجاراة فتوتها ,
لا يتجاوز البيت مساحة الأربعين مترا ,
مرحاض بالكاد تستقيم فيه على ركبتيك طولا وعرضا بعد إغلاق الباب من الخلف ,
غرفة أبي لم تعد غرفة أمي أدخلها متى أشاء ,
يفصلني عنها في النوم جدار لا يمنع من تسمع أدنى تنفس طبيعي في الليل , ناهيك عن تنهد أو شخير ,
أما المطبخ , فإنه يحتل أخطر موقع ,
لا يمكن للعابر إليه أن يمر في غفلة عن العيون ,
كما لا يمكن للخارج منه أن يمر دون انفتاح بصره على خدر زوجة أبي , وتلك حكاية أخرى ,
أنزل مبكراً بحثاً عن مورد لاستنشاق الدخان ,
وحده يفتح عيني إلى حين , يشدني إلى الأرض ,
فلا يأخذني التيه إلى الحلم أبعد من أنفي ,
حين أفتقد مقدار حاجتي للسكينة في الصباح ,
يأخذ صدري في الاهتزاز مترنحاً يلعن الفراغ , ثم يُسمع صوتي منكراً ظلم الناس بغير ما أنزل الله من سلطان ,
تتسع مساحة الضوء , فتتكشف وضعية حيِّنا البئيس من الشمال إلى الجنوب ,
أكثر من خمسين عاماً مرت ,
تناوب خلالها خمسة برلمانيين بألوان الطيف من اليمين إلى اليسار , كلهم وعدوا و أخلفوا الوعد بتحويل مجرى الوادي الحار , ليصب في النهر , بدل الانفجار في كل موسم إمطار, عيوناً تفيض بكل الروائح الكريهة في فناءات البيوت المترهلة ,
مازال الناس نائمين من تعب أرَّقهم حتى الهزيع الأخير من الليل ,
لو كان ينتظرهم عمل لرأيتهم يبكرون قبل الطيور ,
نفس العبارة التي يستدرك بها أبي فيرددها , كلما نعى على الساكنة خلودها إلى الفراش حتى بعد مطلع الشمس ,
سندت ظهري للجدار , في انتظار التحاق رفقة السوء , كما كانت تصف الجماعةَ زوجةُ أبي ,
تحسست مؤخرتي خفية للتأكد من توقف سيلان " البواسير " ,
أجد راحتي في الوقوف بدل الجلوس , لا يحس بألم القعود غير المحكوم بالانتظار مثلي خمسة أعوام خلت ,
وحده الله يعلم كم سيمكث بي المقام جنب هذا الجدار , أتابع ما سيصبح عليه الحي على مر الفصول .

******

محمد المهدي السقال

 

أبي والز&# 1603;ام و السي&# 1583; الوز&# 1610;ر

قصة قصيرة

أبي والزكام و السيد الوزير


ليس من عادتنا أن نجتمع على رؤية التلفاز ساعة الأخبار , ولا أدري إلى حد الآن , كيف تحقق اجتماعنُا يومها , يتذكر أخي الأكبـر المناسبة , ويربطها بترقب المواطنين ذلك الإعلان , عن قرار تخفيض أسعار الطاقة , بعد انطلاق الاستغلال الوطني للآبار المكتشفة منذ خمسين عاماً .

أما أنا فـلا أذكر سبباً لذلك الاجتماع المفاجئ , و الذي تحدث عنه أخي , وإن كان ثقة فيما يرويه من أحداث , فإنه لم يعرف النور بعد خمس سنوات مضت ...

تسمرتْ عيوننا حول إطار الصورة الباهتة , لم تصفُ , رغم جهود أبـي , صاعداً ونازلاً بين أدراج السلم الإسمنتي في أكثر من محاولة , يتأفف أبي من الصورة الباهتة باستمرار , ثم ينطلق في لَعْن من كان و يكون الحيلة والسبب , لكنه لا يلبث أن يقترب أكثر , حتى ليكاد يلامس أنفه مغناطيس الزجاج المكهرب .

ظللنا نكتم عنه ضحكاً في الأعماق يجاهد من أجل فك الحصار , حتى كان ذلك اليوم , فقد انفجر الجميع بضحكات عالية , رددتها زوايا جدارات الغرفة الضيقة , أُمرنا بالسكوت , حتى يتمكن أبي من سماع الـحـوار مع السيد الوزير ....

كانت مُحاِورتَه امرأة جميلة , ملأ صدرَ أبي مستطيلُ الشاشة , حتى خِلنا أنه يحضنها , ويدُه اليسرى من الخلف تشير علينا بالصمت , نظرتْ إلينا الأم شزراً منعاً لأي تعكير للجـو , فقد كانت باستمرار أولى ضحايا غضبة الأب إذا ثار , وما أكثر ثوراته المجانية , لن ينسى أحدُنا معاناتها معه , يبدأ بالصراخ مزبداً كالموج الهائج , ثم يتحول إلى وحش يمد يده إلى شعرها , فيلقي برأسها إلى الأسفل , تتكور, ترقب أين ستأتيها ضربة اليوم , سمعنا ارتـطام جبهتها بالأرض أكثر من مرة , تصبح متورمة الوجه , تستأنف حياة الخادمة بدون أجر, عم صمت رهيب لا نبادل فـيه الحوار سوى بعيون جاحظة ...

- لقد اتخذنا إجراءات وقائية قصوى , لا أظنُ أننا سُبقنا إليها في العالم ...

- كيف سيدي الوزير ؟ واستدرك أبي : جاوبْها ....

- بالنسبة للطيور المهاجرة , فقد تمكنا من السيطرة عليها بشـكلٍ مطلق منقطع النظير , وهي الآن قيد التلقيح الإجباري , بعد إحكام الإمساك بفـراخها رهائنَ في أوكار الضيافة.....أما الطيور الداجنة ... قاطعه أبي بضحكة ساخرة , وهو يتجه ببصره إلينا ... سيقول إنها بخير ...... ولا يخصها سوى النظر إليها بعين الرحمة خلف بريق السكاكين الحادة....

لم نتمكن من سماع تتمة ما قاله السيد الوزير عن طيور البلاد ... - لذلك , ولأسباب أخرى يعرفها الخاصة قبل العامة , فلا خوف على المستهلك من تناول اللحم الأبيض ومشتقاته ... كان السيد الوزير يفغر فاه بين يدي المذيعة , لم ينم ليلته السابقة , عول كثيراً على التخلص بسرعة من هذه المقابلة , لعله يُرضي زوجته التي باتت تعاتبه على المبيت خارج الفراش , حين أبلغه الصدرُ الأعظم , بضرورة التوجه عبر التلفزة , إلى الجماهير القلِقة على ما يروج حول وصول أنفلوانزا الطيور , كان بالفعل على وشك الاتصال بها , للاحتفال بعيد ميلادها العشرين , بدت وكأنها تخفي سناً ينفلت من عقده , خلف مقبض الميكروفون , ثم أردف قائلا :

- هناك إشاعات يروجها بعض المغرضين عن دواجننا , بعدما فشلوا في النيل من دوابنا بغالاً وحميرا , أ لمْ يروجوا أنها أصيبت بالعقم حتى أوشكت أن تنقرض !؟ ولم يكن من ذلك في الواقع شيء مما يفترون , فقد تناسلت الدواب في ظروف طبيعية , وتمكنت من الإنجاب بنسب عالية فاقت كل التوقعات , تصوري سيدتي , أننا بلا افتخار , حققنا الرقم القياسي لمتوسط عمْر الحمير في العالم , للعلم بالشيء ليس إلا , فإن التحليلات المخبرية جارية على قدم وساق , لإثبات ما يختص به الحمار الوطني من ميزات , على مستوى ارتفاع وحداته الحرارية , مما يعني الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء , أو على مستوى قوة احتماله الفريدة , في الركوب وحمل الأثقال ....

نحن السيد الوزير..... نتحدث عن مرض الطيور الذي يهدد الإنسان, ماذا عن وضعيته ؟ تقع عدسة الكاميرا على ورقة السيد الوزير بين يديه , حروف بارزة عريضة , لا تحسبها أعدت إلا لتلميذ بالكاد يفك الخط , يقرأ أسطرها بتستر إيهاماً بعدم وجودها , قلت في نفسي , من حق أبي أن يغضب .

انظري سيدتي , لقد أثبت العلم الدقيق , أن ما يجمع بين الحمار والإنسان من وشائج في السياسة كما في الاقتصاد , أكثر مما يفرق بينهما في الشكل والأخلاق . وكل تهديد للحمار في هذا البلد, إنما يعتبر تهديداً للإنسان, بل يمكن اعتبار التفكير في هؤلاء الحمير, من أولوية أولوياتنا , الحمير بخير . يمرر يده على صدره مزهوا بإفحامها , وجهه يملأ الشاشة في إخراج محكم , بصق أبي ما وسعه من لعاب , أصاب السيدَ الوزيرَ في خده الأيمن , بطيئة تنزل تلك المادة اللزجة مختلطة بألوان المساحيق , لم يجرؤْ أحد على الملاحظة جهراً , تراجع قليلا إلى الوراء , طلعة المذيعة الحسناء تفرج عن انقباضه في مواجهة السيد الوزير, لم يكن محظوظاً هذه المرة , هل غريمه من جديد , وكان على وشك أن يمسح ما علق بالشاشة , فعاد إلى وجومه السابق .

واليوم, نوجد مرة أخرى في مواجهة نفس هؤلاء الحاقدين الشامتين, إنهم يتهموننا بالسكوت عن إصابة دواجننا في المدن قبل البوادي , بمرض الزكام الخبيث , وإننا لنشهد العالم على صحة ما نقول دحضاً لكل الأباطيل الملفقة :

- لا توجد ببلادنا أية علامة عليه .. و كيف تظهر ؟! وقد كنا السباقين إلى معالجة البلاء قبل وقوعه وذيوعه في الآفاق ....

- عفوا سيدي الوزير , هلاٌ شرحتم لعامة الشعب !؟.

- إن الأمر بسيط يا سيدتي , فقد دأبنا منذ تحولت وجهتنا إلى أمريكا أم الدنيا , على التعاون وتبادل الخبرات في مجال التلقيح الاستباقي , وكان لنا شرف الحصول على حق التجريب في طيورنا الداجنة والمؤهلة للتدجين , أما المهاجرة منها , فإنها تعود بإذن الله , سليمة من كل عيب , سوى بعض الأنواع التي تظل تنتظر المواسم المناسبة.... وهكذا ترين أيتها الأخت , أننا محميون ضد هذا الوباء بقدرته تعالى , وبإرادة حكومتنا الموقرة , تسمرت عين أبي في عين السيد الوزير, اللعنة على من لا يخجل من نفسه , وسكت كأنه ينتظر رد فعل ما , لم أدر كيف تصور أبي أن يكون للسيد الوزير رد فعل , عاد وجهه إلى العبوس ثانية , توقعنا منه أن يبدأ في لعن كل شيء كعادته , حين ظهرت الجميلة للإعلان عن انتهاء اللقاء , وهو يودعها بتحية رقيقة لا تخلو من أنوثة ..... علقت أمي على نظرات المرأة ذات الثوب الضيق , حملق فيها أبي , كي لا تقع في السفه , كعادتها حين تغار من جمال أنثى في عز اليفاعة , قام منسحبا من الجلسة العائلية في اتجاه المرحاض لغاية في نفسه أو في جسمه , تبعـته أمي متجهة إلى المطبخ , وهي تجر ذيل قميصها المترهل , قالت أكثر من مرة , بأنها تحتفظ به منذ ثلاثين عاما , هدية أبي الأولى والأخيرة بعد التوصل بأول أجر ... قالت :

ليته حدثكم عما وقع بعد ذلك , انخرط في الوظيفة العمومية , بعد جهد جهيد , جرب كل المباريات التي تسمح بها شهادة الإجازة في الفلسفة, لكنه ظل يرسب بامتياز , ابتسمت أمي , فتأملت تجاعيد خديها إلى الجبهة , وقف واستوقف قبالة كل المحطات , هل تعرفـون أن أباكم هذا , اعتقل وحبس أكثر من مرة , وإن كان لم يحدثني عن التعسف والضرب , فأنا أعرف من بعض الجارات , أنه تعرض لأقساهما ... ولولا تدخل بعض المعارف في الحزب , لما كان قد حصل على وظيفة الحارس الخارجي بالمدرسة ... لم نسمع من كلماتها الأخيرة غير الصدى , هل كان يتجشأ استعداداً للقيء , صرختْ , الباب مقفل من الداخل , نظرنا إلى بعضنا البعض , وصلة إشهارية تتراقص على نغماتها فراشات ربيعية زاهية الألوان, محيطة بوجه طفلة بريئة تقول : بلادنا أجمل بلد في العالم ... لم نتمالك أوداجنا , فانطلقت ضحكات ظلت مكتومة , قطعت أوداجها صرخة أمي : أبوكم.... مات أبي بغصة الحزن على هذا الوطن .



محمد المهدي السقال

القنيطرة / المغرب

 

نحوا&# 1604;عا& #1589;مة

نحوالعاصمة

حين يقفُ بك الشوق على عتبة نهر *أم الربيع*,
فلا ترى غير سيقان الأشجار المنجورة للـركب ,
اعلم أنك في بلاد لا تأخذكَ سوى إلى حافة البحر الذي لم يعرف جزراً منذ مائة عـام من العزلة …
هل يكتب شعرا ؟
وكزني أخي الأكبر , بما يشبه لسعة كهرباء ,
لم ينبس بكلمة , كانت عيونه أبلغ ,لا أظن أن الرجل قد أحس بأي حرج ,
وكأن تحديده للمكان المقصود , لم يكن مقنعاً , بادر إلى الزيادة في الإيضاح , بلغة تمنيت أن تكون في قصيدة ,
لولا أنه بدأ في لجم طلاقـة لسانه , حين عـلم من أخي سبب سفرنا غـداً على العاصمة …
وعاد إليه ما يشبه الوقار من خلال جدية الاهتمام بالسؤال عن الوجهة …
هو هكذا , كلما ذُكِرت العاصمة .
وقبل الاسترسال في شرح المنعطفات التي سنضطر إلى الالتفاف حولها اختصاراً للمسافة ,
عبر عن تمنياته الصادقة بشفائي مما أنا فيه ,
كنت أظن أنه لا يعلم شيئا , فقد حرصت أمي على كتمان سقمي , حتى عن أقرب أهلها , ناهيك عن الجيران .
علت محياه علامات تشنج خالطها لون بارد الحمرة ,
وستلقاكَ في الغابة المسماة *معمورة*, وهي خاوية إلا من الغيلان , أشكال من الثعالب والـذئاب الضالة , وأصناف من الخنزير البري و الحمير الوحشي , ستريان بينهما أسراباً من الطير حادة المخالب , ليست بسيئة حال في الهيئة والشكل واللون , لكنها تضمر من الاشتهاء للحم البشر , ما لا عين رأت ولا أذن سمعت , فلا تجزعـا مـن مكر الأولى إذا برقت تفزع للوثب عليكما ,
لأن بيان مشاعر الخوف أمامها تعبير عن ضعف ,
ركز بصره علي وهو يربت على كتفي بحنو ,
أنتِ بالذات ,
لا تظهري جبنا في الغاب ,
إن الوحوش برغم شراستها تهاب النساء ,
ثم رفع نظره قليلا ليواصل حديثه مع أخي بنبرة زائدة ,
إن وجدتكَ مُـسالما تعبرُ الطريق إلى حيث تبغي , حانيَ الرأس , لا تنظرُ أبعدَ من خطوك في الظلام ,
فأنت ومن معك من العابرين السالمين ,
أما إن أنتَ سعيتَ لإدخال يدك بين أعشاش الطيور ,
أو أبنتَ امتعاضاً من رائحة تزكم أنفك ,
فإنها ستكون لكما بالمرصاد ,
لم أتمالك حبس سؤال يخنق أنفاسي ,
أليس من طريق آخر إلى العاصمة غير الغابة * عمي اسماعيل* ؟
لم ينظر أخي إلَي ,
لعله منشغل بالجواب أكثر مني ,
مرت الآن دقائق ,
ولا نعرف من أين يؤتى المستشفى في العاصمة ,
حاجتي للتبول توقظ ألمي ,
عاد إلى تعليماته بكل هدوء , انتبهت إلى بياض شعره الكث , لم يكن كذلك منذ سنة فقط ,
تشتد بي الحُـرقة , جمعتُ فخذي أبغي احتكاكاً يُخفِفُ عني ما أكابده ,……. بل لا خوف عليك إذا مددتَ يدكَ في الـتجاويف بين الأشجار , تريد الـزيادة من ثمر يفوقُ حاجتكَ , لأن حراس الهيكل في الغابة من الإنس والجان , سيفرحون لمشاركتك جنيَ الحلال والحرام من الثمار ,
و سوف تتحاشاكَ العيون المسمرة لمطاردة قطاع الطرق من جامعي حطب التدفئة في الشتاء ,
ولا تلتفتا يمنة ولا يسرة , مخافة الزيغ بين الضباع قبل السباع , ولا يتلصص بـصرُكَما ضـوءاً قد يلوح بين تكاثف الأشجار ,
لأنه سراب و وهم , لا يوصلان إلا إلى انحدار…
لمحت في عيني أخي رغبة عارمة في قطع الطريق على الجار * عمي إسماعيل * , وهو يشرح خريطة الوصول إلى مستشفى العاصمة,
سأله عن المسار بحكم ازدياده في *الرباط*,
فـأجابه بخطبة عصماء , كأنها ظلت في جوفه تنتظرُ الإفراج عنها من ظلمة عامه السبعين ,
تمنيت لو كانت لي قدرته على التأليف بين الكلمات, لم أكن لأصاب بالإحباط في حصص الإنشاء ,
عصام , ثمانية من عشرة , مليكة , أربعة ,
يلحنها المعلم كأنه يشمت بي بين التلاميذ ,
لماذا *عصام* بالذات ؟
هل كان يعرف خلوتي به خلف سور المدرسة ,
يسألني وأسأله , أجيبه ويرد علي , لم تكن قد كبرت فينا حاجات الكبار,
وتلقي علي العيون بسهام جارحة ,
بينما المعلم الخشن الصوت يغريهم علي بابتسامته الساخرة ,
هل استوعب أحمد درس *عمي اسماعيل *حول جغرافية الوطن المختزل في مدينة ؟ أدركته وهو يهدهد على كتفه , مجددا دعواته لي بالعودة سالمة بعد العلاج .
كل أطفال الحي يحفظون عن ظهر قلب , قصة *عمي إسماعيل* , طُِردَ كالكلب الأجرب من كوخِه المجاورِ للقصر الملكي ,
حتى معلم العربية , يعرف القصة ,
حين وصلنا إلى نص * الكوخ والقصر* في المطالعة ,
أحالنا على شخصيته , لشبه بينه وبين بطل الحكاية الدرامية ….
بدا لي أن أخي الذي سيتولى اصطحابي غدا إلى المستشفى الكبير, لم يتعرف بـشكل محدد على خـارطة الطريق ,
ذات يوم ,
قلت لعصام :
متى كانت الخرائط تصنع الطرق في تاريخ الوطن ؟
لم يستوعب قصدي ,
أحسست أنني تفوقت عليه في الجغـرافية والتاريخ , بعدما ظل يتفوق علي في الإنشاء ,
يتحدث الجار المسكين عن مسارات لا توجد اليوم إلا في ذاكرته , كيف يمكنه أن يرشدنا دون التعرض للتيه ,
ألم يغادر المدينة إلا بعيد الاستقلال بقليل ,
حتى الأسماء التي دلنا بها على مفاصل وقوف الحافلات , مازالت أجنبية لديه ,
قرأ أخي في عيني خوفاً من اعتماد معرفته بالعاصمة ,
أوعز إلي بغمزة خاطفة ألا أحرج الرجل ,
ثم انسحبنا إلى البيت ,
أنتِ قليلة الحياء ,
الرجل يحدثنا بما يعلم ,
وأنت تستهزئين به ,
نحن الذين التمسنا منه هدايتنا لاختصار الوقت والجهد,
أليس كذلك ؟
حين ماتَ أبي في الطريق الرابطة بين *القنيطرة* و*مهدية*,
قيدت الحادثةُ ضد مجهول , على طريقة المسلسلات المصرية , ولم يعثر على السائق السكران إلى اليوم ,
ظل مسجيا في دمائه من الصباح إلى الظهر, في انتظار اكتمال مراسيم المعاينة ,
وأُخذت لرموز السلطة الذين حضروا بالصدفة , صور متحركة لنشرة المساء ,
بينما التقطت لأبي مقتولاً على الرصيف صورتان ,
واحدة وهو في حالة انكفاء ظاهر على البطن ,
و أخرى وهو مغطى الوجه بقطعة قماش رثـة , قيل إنها كانت ستاراً لزاوية يسكنها عمال البناء الذين عاينوا الحادثة ,
كان أبي في سبيله إلى معمل السردين ,
وكانت رموز السلطة عائدة من سهرة السبت الأسبوعية في قصر البلدية ,
قال لي أحد رفاق الأمس القريب ساخراً ,
لو أنه كان ينطق ساعة احتضاره , لامتعض من رائحة الخمر التي زكمت أنفه ,
حين ألقى عليه معالي الوالي ,
نظرة عجلى قبل إسدال الستار ,
لكنه استدرك بأن أبي كان قد مات , فلم يحمل معه تلك الصورة إلى الآخرة , ليشهد بها أمام الله على مثل هؤلاء .
أذكر أبي ,
رغم نسيانه بين رفوف أرشيفات الحوادث غير المؤمنة ,
لأن الأم البسيطة ظلت تصدق الوعد السراب بالحصول على ديته بالملايين ,
فقد بنت لنا بيتاً من الإسمنت ثابت الشكل , أوهنَ في الخيال من بيتٍ رمال تتقاذفها الأمواج ,
خصتـني فيه بغرفة على السطح ,
أخرجتنا من *دوار الكلب* , حيث وُلِدنا بالتتابع على نفس الفراش وفي نفس الزاوية ,
لطالما ظل أبي يعاتبها تشبيهاً بالقطة التي لا تتوقف عن الإنجاب , لم تكن ترد عليه,
لكنني رمقت أكثر من مرة ,
حملَقتها فيه تنوب عنها عيناها بالجواب ,
كان أبي يسكت عن التعليق مكتفياً بما يشبه الابتسام , وكنت أعرف التفاصيل من خلال درس معلم العلوم ,
قسمتْ أمي التركة بالتساوي , دون التفكير فيما للذكر من حظ الأنثيين ,
بل أعطت لنفسها معنا , حقاً معلوماً تصد به ما سيأتي من نوائب الدهر بعد الكِبَر ,
حددت لنا من الأصغر إلى الأكبر أقساطاً للتعويض عن الحرمان من دفء اللباس في أول عيد قادم ,
كما وضعت جانباً , مبلغاً سوف يتم ادخاره للتمدرس , وعملا بنصيحة عمتي *خدوج*, فضلت أن تتخلص من ألبسة أبي على سبيل الصدقة , لما في ذلك من أجر عظيم ,
لكن خارج هذا الفضاء القصديري ,
لا نريد فضيحة إضافية بين الجيران , يكون عنوانها ما استبقى من تلك الأثواب المهترئة ….
من شدة الهم , تُرى أمي بين الفينة والأخرى , وهي تضحك لوحدها كالحمقاء ,
ترفع عينيها إلى ما يشبه السقف , تتسلل عبره خيوط شمس حارقة , فتلعن من كان الحيلة والسبب .
قال لها الطبيب بلا خجل :
خروج البراز من غير نقطة بول علامة سيئة , ومستوصفنا عاجز عن التشخيص ,
خذيها إلى طبيب اختصاصي ,
تمسكنت أمامه ,
رق قلبُه لها ,
فوجهها إلى صديق له في مستشفى الغابة الإقليمي , سوف يسهل عليكِ عملية الاتصال بأحد الأطباء الذين يأتون أسبوعياً من *الرباط*,
كل الناس يعرفون أن هؤلاء الأطباء سامحهم الله ,
يأخذون من مرضى القطاع العام , مالا حراما يسمى رشوة وأسميه ابتزازاً …
ابنتك مصابة بتصلب حاد في قناتها التبولية…
البرودة المزمنة هي أصل العلة …
لم تحتفظ ذاكرتي بكل تفاصيل الحوار , وحتى بعد العودة إلى *البراكة* ,
لم أسمع أكثر من ذلك , فيما دار بينها وبين أبي ,
علق مستهزئاً برأي الطبيب ,
لقد أصبحوا كالجزارين , أبسط مرض عندهم بحاجة إلى عملية جراحية ,
شربيها *الكامون* ,
و اطلقيها تسقي الغرس ,
ليته رأى كيف اصفر حتى ذبل عنقه , لأيسر القطر الذي كنت أعتصره له ألما بين اليومين والثلاثة.
قبلتُ يدها الباردة ,
تمتمتْ بدعواتٍ تختصرها في أن يعمي الله عنا أعين أولاد الحرام , عينها هي ,
عميت قبل الأوان من شدة البكاء على فراق أبي ,
مازالت تبكي كلما تذكرته , رغم مضي عشر سنوات , ليتها كانت ترى ما بعيني من حزني على حسرتها الدفينة ,
جمعتُ ما تبقى من عدة الرحلة ,
تحسستُ إحكام الملف الطبي ,
وأنا ألقي نظراتٍ على أركان الغرفة,
أودعها قبل التحول إلى بيت من الإسمنت الحقيقي ,
كأني أودعها لغير رجعة ,
سَرى صمت في المكان ,
تسمعتُ خلاله تصعيدَ تنهد يشيعُني إلى الباب ,
تذكرتُ تلك الجملة التي حفظتها عن المعلم حين يكون مازحاً , الخارجُ منها مفقود والعائدُ إليها مولود .


محمد المهدي السقال
القنيطرة / المغرب

 

امرأ&# 1577; من زجاج

امرأة من زجاج


اعتذر لها عن عدم اصطحابها للخروج معه الليلة , فردت عليه بعينين نائمتين ,
ظلت تشعر بنشوة الانتماء إلى هؤلاء الكبار الذين تملأ جباههم شاشات التلفزيون , حين يعدها باصطحابه لحضور مناسبة الاحتفال بفوز أعضاء الحزب في الانتخابات , ينبهها إلى ارتداء أغلى ما لديها , فتضطر إلى التوقف أمام المرآة أطول فترة ممنكة ,
عبر لها عن إعجابه الشديد بقدها المتوازن , كاد أن يضع يديه على ردفيها وهو يحدثها عن هذا الوسط الذي يشتهيه, ـ أراك قد تخيرت أنسب لباس للسهرة ,
مررت يديها على خاصرتها متراقصة كلهيب نار زندت بنفخ اصطناعي ,
ـ تأخرنا ,
يستعجلها ليكون في مقدمة المحتفين بالسيد الرئيس , حتى أنها نسيت قرط أذنها الأيسر , في الطريق , أقنعها بأن القرط المفرد صار موضة , صدقته , تمنى لو تسأله كيف أصبح عارفا بموضة النساء , وهو الذي يقضي طول النهار في الحزب , بعد تحمله مسؤولية التنظيم منذ عشرين عاما,
حاولت التوسط في المقعد الخلفي , كي تقابل مرآة السائق , لكنها تذكرت تنبيهه إليها بعدم التقاء عينيها بعينه , افتعلت حركة لم ينتبه خلالها لاستراق رؤية خاطفة , فلمحت أنه كان يحدق في الجنبات كعادته كلما صعدت السيارة , لا تستطيع أن تمنع نفسها من المقارنة بينهما , لكنها سرعان ما تلعن الشيطان , قال الفقيه بأن العين تزني , صارت تتخوف من تمكن الضعف من نفسها كلما التقت العيون ,
بادر إلى التأكيد على اعتذاره , لكنها لم تشعر بحاجة إلى السؤال أو الاستفسار , في البداية , كانت تتلهف لدعوتها إلى حفلات الاستقبال تلك , اكتشفت أنها تبقى في المواقع الخلفية, لا تنفعها زينة لباس ولا جمال بشرة , ولا حتى قدها الذي طالما تباهى به دون تصريح بين ضيوفه في البيت ,
ـ هل ستكون جلسة الليلة رجولية ؟
أحس كأنها تلمح لفضيحة السنة الماضية , حين تم ضبط أحد الإخوان متلبسا في خلوة ذكورية , فرد عليها بصوت خافت :
ـ الليلة , سيقرر الحزب في شأن تزكية المترشحين للثلث المتبقي ,
لم ينتظر تعليقا منها , تمنى فقط لو أنها تتحاشى طلب عودة السائق لأخذها إلى بيت العائلة , في كل مرة , يكاد يبادر للسؤال عن وجهة زوجته في غيابه , لولا أن كبرياءه يمنعه , يكفي أن هذا السائق اللعين , ينفث في جسده نظرات الحقد على النعمة التي هو فيها , كيف يضيف إليه سلاحا آخر يقتله به ؟
لو أنه كان يملك سلطة القرار , لكان قد طرده , ولكنه يعمل لديه بتوصية " الحاج " , أحيانا يتخيل أنه مفروض عليه , لماذا لا يكون مكلفا بالتجسس علي ؟
لم ترد على اعتذاره , قامت في اتجاه الغرفة المجاورة , تابع مشيتها , أطل رأس الطفل , تاركا خلفه السائق الذي كان ينجز معه بعض تمارين الرياضيات , كم كان يشعر بالامتعاض من حصة المراجعة الليلية , بينما كانت تنفرج أساريرها لإطلالة ابنها , وهو يهل فرحا بنجاحه في إنجاز ما استعصى عليه في حصة الفصل الدراسي .

******
محمد المهدي السقال
المغرب

 

فراغ من زجاج


فراغ من زجاج

إلى امرأة لا يفصلني عنها غير التراب :
مليكة مستظرف .
************
كعادتها , تنام المدينة بحضن صقيع البرد في الصيف كما في الشتاء ,
ليس أمَـرَّ على الطبيعة من التعاقب بلا معنى , لأنها تأبى الفراغ ,
نسأل أستاذ الفلسفة عن علة رفض ذلك الفراغ , فيسرح بنا في عوالم الفضاء الكوني حتى المطلق ,
هل كنا نفهمه ؟
كنا منشغلين بالسؤال عن الحال , لذلك تطلعنا إلى انفتاحه علينا على قدر عقولنا ,
لم أر أستاذي في حيرة من أمره , كما رأيته ذلك اليوم , وهو يحاول الانزياح باستفسار أصغرنا سنا عن مجراه ,
هل السياسة هي الأخرى تأبى الفراغ كما تأباه الطبيعة ؟ واغتنمنا فرصة تفكيره في الجواب , لنثير ما بين الفراغ والدين والحكم والوجود من اتصال أو انفصال ,
سمعنا فيما بعد , حكايات عن وفاة الأستاذ الغامضة , عُثِر عليه وحيدا في بيته , لم يعرف له خلف أو سلف ,
لكنها لم تكن أكثر غموضا من وفيات هذا المربع الإسمني الحصين تحت الأرض ,
لا أعلم إن كان الأستاذ قد دفن بترخيص طبي, يتحدث عن علة الموت وظروفها على الحقيقة ,
لكني أعرف أن رفيقي في الدرب المظلم , قد دفن بشهادة وفاة وقع عليها وصيُّ العدل بنفسه ,
دون أن نسأل عن الفراغ الذي أحاط بموته المفاجئ , تحركت الإدارة بقدها وقديدها , لتسرب إلينا معلومات جاهزة ممنهجة ,
ليست هذه أول وفاة , لكنها الأولى من حيث حجم الترويج لظروفها وفق السيناريو الرسمي ,
جمعونا في بهو لم نتعرف عليه , رغم عبورنا لمساربه مرتين في اليوم , منذ عشر سنوات ,
منا من كان يحدق في ألوان عبارات الترحيب بالسيد الوزير, تزدان بها جدارات لم نعرف لها لونا قط ,
بينما كان آخرون , يتهامسون بسخرية حول طلعة الزائر البهية ,
استوقنا الحراس في صفين , ولم يكونوا بحاجة لكبير عناء , فقد تدربنا لأكثر من أسبوع على الوقفة والتحية ومواقع التصفيق ,
قصر قامتي أفادني هذه المرة , وجدتني في الصف الأول , بينما كانت رؤوس الصف الثاني على أكتافنا ,
لم يهددنا الحراس ولم يتوعدونا شر العقاب كما عهدناهم في كل مخالفة , كانوا بشوشين زيادة , على مدى سبعة أيام , لم ينتهرنا الحراس ,
لعلها أصعب عملية ترويض قام بها مدير المعتقل , تسرب إلينا بعد الحفل , أنه كان يحيض ويبيض خوفا من المفاجأة في أية لحظة ,
ونجحنا في امتحان استقبال سيادة الوزير , تقدم وسط حاشيته إلى المنصة , يفسحون له الطريق بين أجساد خشبية , وعيونهم البارقة علينا تتابع اهتزاز صدورنا المضطربة , كانوا منشغلين باللحظة , وكنا منشغلين بما بعد اللحظة , سوف يتركوننا للذئاب , وعلى أسبوع الإعداد الحرب لا السلام ,
كان الافتتاح بآيات بينات تماما كما كنا نسمع في البرلمان, حين وصل القارئ منَّا إلى : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا , بل أحياء عند ربهم يرزقون " تحركت العيون في كل الاتجاهات , إلا عينا السيد المدير , فقد تسمَّرت في السقف , تابعناه , فتكشف لنا ذلك السقف الذي لم نره من قبل , مُضيئاً بالأبيض الناصع في ذاكرة لا تعرفه إلا من سواد قاتم , بعد " صدق الله العظيم " ,
أخذت الأسارير في الانفراج , كلمة النعي والتأبين المقتضبة, عجلت برفع سيادته ليديه , قارئا بالهمس سورة الفاتحة , كنا مطالبين بالجهر على إيقاع واحد :
آمين ,
لأول مرة , تعرفنا على الاسم الرباعي للفقيد , ينتمي في الأصل إلى قبيلة " بني حذيفة " الريفية بالشمال , لم يحضر جنازته أحد من أهله , إن كان له أهل , تماما كما جاء في الحكايات عن أستاذ الفلسفة , يعم الصمت من جديد , نحس بالمدينة نائمة بحضن صقيع البرد في الصيف كما في الشتاء , يجفونا النوم لحد الأرق , فتكبر في دواخلنا وحشة السكون الذي لا يبدو أنه يسبق العاصفة .

* قد تكون في السجلات الرسمية لبعض إدارات السجون , حادثة بنفس تفاصيل الحكاية , غير أن الأمر لا يعدو أن يكون توارد خواطر , لأن ما يحدث هناك , أغرب من الخيال .
******
محمد المهدي السقال
المغرب

 

Minibluff the card game

Hotels