blogit.fr: Blog multimédia 100% facile et gratuit

sekrinya

Blog multimédia 100% facile et gratuit

 

BLOGIT

POUR NE DIRE QUE CE QUI EST IMPOSSIBLE DE REDIRE AVANT QU ' IL SOIT TROP TARD

Blog dans la catégorie :
Littérature

 

Statistiques

 




Signaler un contenu illicite

 

sekrinya

سـفـ&# 1587;ـط& #1600;ـة

سـفـسـطــة


عـادَ الفـصيـحُ يُغَـنِّي عَـوْدَ سالِـفِـهِ

شـوْقاً إلى دِمَـنٍ أعْـيَـتْ من الصَّمَمِ

تُـعْــلي مَـقـامـهُ أصواتُُ ُ يُـؤَرِّقُـهـا

عِـيُّ التَّـرَحُّل بـيْـن العُـرْبِ والعَجَـمِ

كـيـفَ السبـيلُ إلى شِعْـرٍ نَكـونُ بـهِ

من بعـدما نَضَبَـتْ عـيْـنُ ُ من النغـمِ

كانـتْ لِـوِرْدِ عِـطاشِ الفـنِّ سائِـغـةً

تـنْسـابُ تحْـسَبهـا فـيْضا من الدِّيَـمِ

إيـهٍ عـلى طَـلَـلٍ كـانـتْ مَـعــالِـمُــهُ

تُـشْفـي إذا وجـدَتْ نفـسُ ُمن السَّقَـمِ

حتَّى تُـرى عَـبَـراتُ العِـشق ذائِـبَة

تسـبي إذا نطَـقَـتْ بالصمت بالحِـكَـمِ

كان القصيد قصيداَ فاض من شجَنِ

أوْغاصَ ينْحَتُ دُرّاَ من خالِص القِيَمِ

يـأبـى الـتـزلـف بالألـفـاظ مــونـعـة

يـنـأى بـأحـرفـه عـن وحشـة الـكَـلِـم

ضاعـتْ ملامحُـه في الـتِّيـهِ عَائِـمَـةً

بيْن التَّـعَـلُّـقِ عَـسْـفاً هَـاوِيَ الـقِـمَـمِ

****************

 

لَـي&# 1618;ـت& #1614;ـنِ 600;ي

لَـيْـتَـنِـي


لََـيْـتَـنـي

كُـنْـتُ مِـنْ صَـمٌ هـذا الـحَـجَــرْ

مَـيْـتَ إحْـسـاسِ قـلـبٍ

جَـفـاهُ الـبَـشــــرْ

طـفْـتُ بُـلـدانَ أرضٍ

جَـــريــحَ الــوَتَـــرْ

بـيْـنَ جَـنْـبَـيٌ فـيْـض

عَـذيــبُ الـشـــرَرْ

مـا وجــدتُ الـورى

غـيـرَ عـمْـي الـنٌـظـرْ

كـيـفَ أمـسـى ؟

يُـجـاري عَــديــمَ الأثــــرْ

لـيـس إلا عَـبـيـثـاً

بِـحـرْقِ الـشـجـــــرْ

كُـلٌـمـا هَـمٌ بـالــدفءِ

تـحْــتَ الـقـمـــرْ

كـيْـفَ أخْـنـى ؟

لِـعَــادٍ بَـغـى فـي الـحَـضَــرْ

لـيْــس إلاٌ

جَـريــفـاً جُـفــونَ الــزٌهَــــرْ ؟

و الأقـاحــي شــذاها

بِـفَـيْـضِ الـمــطــــرْ

كـلٌـمـا ضـاقَ جَـفْـن

هَــوَى فـي الـحُــفَـــرْ

هَـــلٌ حَـيٌــاً

نَـديٌـــاً جَـمِـيـــلَ الـصٌــوَرْ

يـا صِـحــابـي

ويــا إخْـوتــي فـي الـقــدَرْ

سـاءَ مَـنْ قــال إنٌــا عَـدِمــنـا السٌـهَــــرْ

رَغْـم عُــتْـم الدجـى

رغْـم خــوْفِ الـتٌــتَــرْ

لـيْـتـنـي

مـا سَـئِـمْـتُ الـرٌحــى بالــــدٌرَرْ

كُـنـتُ أمــضـي وَهِـيـنـاً

ضَـعـيـفَ الـبـصـرْ

لا أرى فـي بـــلادي

صُــنـــوفَ الــكَــــدَرْ

لا أبـــالــي

كَـصـخــرٍ إذا مــا انْــتَــقــرْ

صَــمٌ جَـنـبـيْـهِ خَـوْفــاً

و انْــدثَـــرْ .

**

 

عـبـ&# 1579; اللـ&# 1581;ــ& #1600;اق

عـبـث اللـحـــاق


محمد المهدي الـسـقـال
القنيطرة / المغرب

لامـتْ هـوايَ عِـتـابـاً فـاض مـن حــزَنٍ

تَـنْعـي عَـليٌ هـوَى المَـأْسـورِ في الدٌِمَـنِ

بَـرْداً تَـخــالُ عَـلَـيٌ اللٌــوْمَ إذْ عَــتـَـبَــتْ

تَــرجـو أوابَ مَلِـيـلِ الـقـهْـرِ و الـمِـحــنِ

والصـدرُ مـا فَـــتـِـئَـتْ تُـوري كَـوامِـنَــهُ

بـالـشــرٌ ألْــوِيَـة ظَــمْـآى إلـى الـهَــوَنِ

مَـالي عَـدِمْتُ سَـماعَ الـصٌـوت مُـلْـتَـهِـباً

مِـنـكِ حَـبـيـــبـتـنـا تَـدْعــيـــنَ لِلْـوَهَـــنِ

هَـلْ كُــنــتُ واجِـدَ ظِـــلٍ خَـلْـفَ أقْـبِـيَــةٍ

مـنها رشَـفْـتُ جـمـيـلَ الـسٌـهْـوِ بالدٌخَـنِ

حــتٌـى أُغـادِرَ طــوْعــاً بــيـْــت ذاكِـــرةٍ

ألْـفَــيْـتُـها تَـعْــبَى مـنْ حُـرْقَةِ الـشٌـجَـنِ

أَمْ كــنــتُ آخــرَ مَـكـلــومٍ تُـحـاصــرُهُ

عَـيْنُ الـرٌدَى كَـمَـداً فـي السٌـر و الـعَـلَـنِ

اَلـطٌــيـْـرُ إِنْ هَــزَمَـتْ رِيـــح جَـوانِـحـَــهُ

يـأْبـَى الـتٌـحَـــدٌرَ فـي الـدٌهْــمـاءِ لِلْـوَثَـنِ

أهْــلي تَركـتُ غِـرابـاً فـي عَـشِـيـرَتِـهِـمْ

الخـوفُ أَسْـكَـنَـهُـمْ عنْ ضَـيْـعَـةِ السٌـكَـنِ

لا الأرضُ أَرضُـهُــمُ والـجِــذْرُ مُـنْـغَـرِسُ

في الـتٌرْبِ مـنْ زمَـنٍ قـد ضاع فـي الـزٌمَـنِ

أَمْـسَــتْ بُـيـوتُ كِـــرامِ الـقَــوْمِ قـاطِــبـَـةً

تَـــزْهـو بِـمَا مَـلـكـتْ أَدْعــى إلـى الـفِـتَـنِ

إنـي لََـيُـحْـزنـني حَـضْـنُ الـسٌـرابِ سُـدىً

قــبْــل الأوانِ بِــلا شَـــفْـــيٍ مـن الـــدٌرَنِ

أخْـــنَـتْ بــلا خَــجَــلٍ فـي مِــلٌــتِـي نِـحَــل

بـاعــتْ فــمـا رَبِـحَــتْ دُنْـيـا بِـلا ثَــمـَـنِ

***

 

حكاي&# 1578;ي مع السي&# 1583; المف&# 1578;ش

حكايتي مع السيد المفتش


دلفتُ إلى قاعة الدرس مطأطأ الرأس , تسحبني إلى الخلف رغبة التمنع عن استئناف الحصة مع القسم الجديد , اتجهتُ إلى المكتب , يكون الابتداء عادة بضبط الحضور في السجل اليومي , سأتعثر في نطق الأسماء المتنافرة الحروف , يغتنم التلاميذ فرصة النداء عليهم لاستثارة الضحك على بعضهم البعض , يتهافتون لتصحيح ما يتلوى له لساني غير الفصيح , فأجدني بينهم أميل إلى مجاراة ضحكهم مع وقار مفتعل , ألقيتُ بالكتاب المدرسي جانبا , سُمِع صوت ارتطامه بالخشب المهترئ , ثم ساد صمت الدهشة في عيونهم , رميت ببصري إلى الخلف , نصف دائرة من الرؤوس مسندة ظهرها للجدار , تحيط بالمقاعد الخلفية , وجوه كنت أعرفها جيدا , ليست من هذا القسم , تقدمت إليها أسألها عن تواجدها , كانت جملة الجواب جاهزة :
ــ نريدك أن تعود .
كيف أشرح لهم أنني في النهاية بالنسبة للإدارة , لست أكثر من رقم في لوائح موظفي الدولة غير السامين , يمكن نقلي , توقيفي , طردي , تجميدي , لست محصنا ضد أي هَوًى يلعب برأس السيد المفتش , أما قصة حقوق الموظف قبل حقوق الإنسان , فليست سوى أسطورة للترويج في مناسبات استقبال الضيوف الأمريكان , صرنا وجهتهم المفضلة , بل إن بعض الأخبار تتحدث عن تعاون مطلق في كل المجالات ,
اعتدلت في جلسة غير مألوفة أثناء حصص الفصل التعليمي ,
ــ عليكم بالخروج الآن , ستسيؤون إلي من حيث تعتقدون الإحسان , يكفي ما جرى أمس , لقد كنتم في المستوى المطلوب , عبرتم بشكل حضاري عن رغبتكم, ليس ضروريا أن تكون الاستجابة فورية , ابتسمت بداخلي ولسان حالي يقول ’ أتريدون أن تعترف الإدارة بهزيمتها أمامكم بعدما وضعتموها في موقف أشد حرجا من إضراب عمال الوادي الحار؟ لعلهم لاحظوا احمرار عيني , أحس بها محتقنة , اختناق متعب , لا تزهق الحروف عبر حلقي إلا جريحة , ــ عليكم بالانسحاب , التحقوا بأقسامكم , يمكنكم أن تزوروني في كل وقت , أنا رهن الإشارة في أي شيء , أما اقتحامهم القاعة , بدعوى الاعتصام حتى التراجع عن قرارالسيد المفتش بتأديبي , فأمر مبالغ فيه , ربتت على كتف أحدهم , موحيا إليه بما أتخوف منه , لست ناقصا صداع الرأس المتعبة , تداخلت أصوات مهشمة حتى أصبحت لغطا تحس نبرته ولا تفهم كلماته , تماما كما فعلوا بالأمس , سمعوا بحكايتي مع السيد المفتش , فقرروا الدخول في اعتصام أمام مكتب السيد المدير , بلغني أنهم رفضوا دعوته للالتحاق بفصولهم , رغم ما وُصِفتْ به وقفتهم من قبيل الإضراب والعصيان ,
نريد عودة الأستاذ ,
لا يعقل تركنا للريح في انتظار أستاذ جديد ,
نحن تلامذة التاسعة , أمامنا امتحان التوجيه ,
عجبت من ربط مطالبتهم بعودتي , بحاجتهم إلى مادة التدريس, دون ربطها بشخصي , كأني بهم , قصدوا الابتعاد عن مواجهة الإدارة , لم يتحدثوا عما وقع لي مع السيد المفتش , بعدما رفضت الاستمرار في مناقشته حول هندامي وهيأتي , غضب مما اعتبره تحديا لسلطته على مرأى ومسمع التلاميذ , بينما كنت فقط أحاول شرح ظروفي المادية , ظننته سيتعاطف معي بعد تأخر تسوية وضعيتي الإدارية لأكثر من عام ونصف , ما أن همست له بالحال , تجنبا لاستراق الحضور ما قصدت الهمس به , حتى استشاط حنقا تصفر وتبيض شفتاه , تلك مشكلتك ,
صدَقَ ,
لكن نغمته الساخرة استفزتني , فلم أشعر إلا وأنا أصب عليه جام غضبي ضد بنية الإدارة الفاسدة , ثم كانت الجملة التي قصمت ظهر البعير : ماذا نفعك لباسك المحترم في إدارة فاسدة ؟ جمع أوراقه منتفضا كالطير المبلل في الصيف , التفت إلى التلاميذ , ابتسامتهم كانت معبرة , ثم انسحب , شكا للسيد المدير حجم المهانة التي لحقته , تبادلا التعاطف :
عليك أن تسند له القسم الأولي , في انتظار اكتمال الإجراءات التأديبية , لن أسكت عليه , وسيرى من أكون ,
هل سمع التلاميذ العبارات بنصها , أخبرني أحدهم عن رد الفعل الغاضب , صارت المسألة شخصية بيني وبين السيد المفتش , انتقدت مبالغته في المحافظة على تناسق ألوانه , كنت على وشك أن أجره من رابطة عنقه , حين أشرت إليها كرمز للأبهة الكاذبة, اقتنع التلاميذ بكلمتي فيهم , أخذوا ينسحبون من الفصل , لم أشأ أن تلتقي عيوننا , تحولت إلى السبورة , كتبت:
انتحار بلبل , ص 96
تمنيت لو أنهم عصوني , لو أن احتجاجهم جاوز المطالبة بالتوقف إلى العصيان , كان الصغار يحدقون في ملابسي , لعلهم يجدونني صعلوكاً كما حاول السيد المفتش أن يصورني لآبائهم .

*
تأخرت تسوية وضعيتي المادية تسعة أشهر أخرى , رغم اعتذار السيد المدير عن تسرعه في مجاراة السيد المفتش .

*********

محمد المهدي السقال
المغرب

 

ساعة في العا&# 1589;مة

ساعة في العاصمة

انطلقت سيارة الأجرة الصغيرة صوب محطة القطار العطلى منذ ما ينيف عن الأربعين عاماً, لم تعرج على الحي الجامعي في مدينة العرفان, كم كنا نغتبط كالأطفال, حين نغير اسمها إلى مدينة الخرفان, أربعُ سنواتٍ مرتْ بلا لون ولا طعم, سوى لون البدلات الزرقاء والخضراء, وطعم السباب والدفع بالواقيات إلى الخلف, رحمة الله عليك يا أمي, لو سمعت كلامك وتعلمت الخياطة خلال أربع سنوات, لكنت الآن "معلمة", ربما يكون نصيبي من الدنيا رجل من بين أهل عروس أو عروسة, ماتتْ ولم ترني أُزَف امرأة كباقي النساء.

فكرتُ في إثارة انتباه السائق إلى احتياله علي, لا يأخذني عبر الطريق المألوف, انشغلت بتلاعب الريح بالأعلام العربية, تشرع صدرها بلا أدنى مقاومة, يفقد الثوب لونه فيكلح, وتهترئ الجنبات بتوالي عوامل التعرية, كم كانت دروس الجغرافية جميلة, قال المعلم وهو يمرر يده على الخريطة, ليشرح لنا درسا في التاريخ, حول بني أمية.
- لا يمكن اليوم المرور عبر الطريق الاعتيادي, توسط شاربه المرآة الصغيرة أمامه, متحركاً فوق شفتيه الغليظتين,
- لا يهم , فقط أريد الوصول إلى العنوان قبل الثامنة.
لم يعلق, انشغلت عنه بمتابعة اللافتات البراقة على امتداد شارع "النصر" عبارات ترحيب بزائر البلاد من الثلث الخالي, صور عريضة بألوان قزحية, وجه أعرفه, ووجه بجانبه لم أستبن بالضبط من يكون.
- أكيد أنه رئيس أو ملك أو أمير.
هـز ثم عطف كتفيه.
- ربما.
حاولت التمعن في خيالات الصور, كبيرة في الحجم, ملامحها لا تنقشع بين كثافة الضباب, الجثة ضخمة, واللباس معلوم, تميزه عمامة وقعت في دائرة سوداء.
- عرفته.
لم يبال.
هي هكذا العاصمة, لا تقتات إلا من مثل هذه الزيارات, تصبح خضراء غناء بين عشية وضحاها, وتمسي ذابلة يحضنها الخوف, بعد تفرق مراسيم الاستقبال في ساحة القطار.
- هل رأيت نخلة تنبت في الثلج ؟
كنت أفكر في لون النخيل الأخضر, على امتداد الشارع المفضي إلى باب "الدخلة" يفاجؤك السـعـف المتهـدل, وأنت تعرف أنها من غير جذور,
بين الفينة والأخرى, يتلصص نظراتٍ في وجهي المنعكس في الإطار, لعله كان يرغب في سؤالي إياه عن الحدث الذي ستشهده العاصمة, لم تنجح بعض قطرات العرق, في ستر تجاعيد الرجل المترهل, توقف إجباري أمام الضوء الأحمر, تسللت إلى أذني منبهات وصفارات, كما تسللت بالداخل حمرة فاقعة عبر أشعة شمس باهتة.
- ما زلنا بالقرب من مسجد "السنة" ؟
تحاشاني وهو يستعد للانطلاق من جديد, رأيت عيناه جاحظتان, أمره الشرطي بانفعال للتحرك بسرعة, سمعته يغمغم بألفاظ لا تنم إلا عن سخط, بدا كأنه يتمايل بحثاً عن مسلك بين التدافعات الحديدية, خلف المسجد, أفق كليح تتوزعه براقع سحابات خريفية, وأشجار كانت تحلم بالتفتح ذات يوم, كنا إذا بلغنا هذا الملتقى, نستشعر رغبة في الانطلاق إلى "باب الحد", هناك يمكن أن تغيب عن أنظار المخزن, نذوب وسط الزحام الشعبي, نمارس اشتهاء اللذة بعيداً عن رقابة السلطة, أجمل ما آمنا به أيام الكلية, دع السياسة وافعل ما شئت في هذا الوطن العزيز. باغتني السائق وأنا في رحلة الماضي غير المأسوف عليه:
- سنضطر إلى الانحراف أكثر.
نظرت إلى امتداد المكان من حولي, أسفل واجهة الجدار قُدامي, كلمات بذيئة, جمل تناثرت بألفاظ العهر, نابية من قاموس سافل, لو كان لي شَعْر, لقلت إنها تحركه.. بل توقفه, وضعت يدي على رأسي, لم يكن بينه وبين الغطاء المحكم الالتفاف شيء, لم ينبت بعد, وعدني الطبيب بعودته بعد انتهاء حصص العلاج الكيميائي, مرت الآن ستة أشهر, كل صباح, أعري رأسي أمام المرآة, أتحسس هل نبتت شعرة, تطول المسافة,
- الله يخليك, أنا مستعجلة, لدي موعد مع الطبيب.
استدار الهيكل الحديدي نحو منعرج غير مألوف, دون حركة جسد الرجل, يتحرك شاربه دون أن تتحرك شفتاه, نطق:
- علينا قطع طريق الوزارات للوصول إلى المشفى بأقصى سرعة.
ناول فمه سيجارة هممت بتنبيهه إلى أثرها علي, ردعني زوغان عينيه في المرآة الصدئة,
لم أشعر كيف ألهب كفنها الأبيض, أحمد كان يدخن كثيرا, عاتبته على إدمانه خوفاً عليه من السرطان, يبتسم بملء شدقيه:
- تعددت الأسباب والموت واحد.
لم يمت بعد, من كان يدري أنني سأُصاب قبله, من غير تدخين ولا هم يحزنون. تزوج, أنجب, مازال يأكل ويدخن ويمشي في الأسواق, بينما بقيت عانسة أحسب الانتظار بالأيام والشهور للوصول إلى موعدي النصف سنوي.
- هل تزورين أحداً في مستشفى "السويسي" ؟
تأملت عنقه المعروق بين كتفين لم يفتر عن تحريكهما كأن به مس, سرت بداخلي رغبة الكذب عليه, لعله لم ينتبه إلى صفرة وجهي الشاحب المائل إلى البياض.
- لا , أنا المريضة.
وتملكتني رغبة في الاسترسال, وصلتني "النوبة" بعد ستة أشهر, مرت كأنها ست عجاف,
رمقـته يبتـسم بضحكة مختنقة.
- اقـتربنا , وما مرضك ؟؟
- الله ينجيك , فيّ السرطان .
كادت السيارة ترتطم بالرصيف.
- ولكن السرطان , فيه و فيه ؟؟
- الله يحفظ .
سكت, تابع سيره,
- هذا فندق "حياة ريجنسي" هل تعرفين بأنهم سيغيرون اسمه, بمناسبة الاحتفال بالألفية الثانية لميلاد المسيح؟؟
كنت في غفلة منه, أفكر في المسافة المتبقية, لا يعرف قيمة الخط المستقيم غير المرضى. توقفت السيارة وسط ركام آدمي, تململتُ لأستبين التدافع الحاد, برزت لافتات مكتوبة بخط اليد ولون واحد أسود, الطلبة المعطلون يشنون إضراباً لا محدوداً عن الطعام. فجأة, تدخلت قوى الأمن لتفـريق الحشود, أحكم السائق صعود الزجاج, الباب الكبير لقبة البرلمان يذكرك بمداخل السجون العتيقة والحديثة, نظرت إلى ساعتي اليدوية, الثامنة والربع.
- مازال مقفلا , قبلكِ أوصلت عشرين راكباً, لا أظن أنهم سيفتحون اليوم.
- لماذا ؟؟؟؟؟
وانطلق لسانه من عقاله, يمتزج صوته بطنين المحركات المتوقفة, لا أستمع إلا لنداء بداخلي, يستفهمني عن معاناة العودة بخفي حنين, مثُلَتْ أمامي مسافة الخمس مائة كيلومتـر, كل ما فهمته هو أن وفدا شقيقـاً يزور المستشفى, وهو الآن متواجد بالداخل, نظرت حولي, المرضى بالمئات في مساحة خضراء, تفصلهم عن جدار المستشفى حواجز آدمية مثبتة كالدمى في معارض الأطفال, الهم يضحك, لم أمنع نفسي من الضحك على حزام جلدي, تدلى متراخيا حول خصر متعب بالوقوف,
- هل تنزلين هنا ؟؟؟
ليتـني كنت أستطيع اختراق الحواجز, الله يعلم أن المسؤولين يعلمون, الناس وحدهم ضحايا بين عَلم وعَلم.
- لا , أعدني إلى محطة الحافلات من حيث أتيت. ربما أعود مرة أخرى, إن كُتبت لي حياة.

محمد المهدي السقال/ المغرب

 

Minibluff the card game

Hotels